May 16, 2006

...4

القاهرة / صيف 2001
الهدوء بعد التاسعة ميزة تنفرد بها مدينة نصر .. من شرفتى استطيع سماع اصوات المارة من الشباب .. كانت تجذبنى احاديثهم ، ضحكاتهم .. وكأنى داخل سجن لا أسمع فيه صوت رجل عدا السجان .. والسباك احياناً
فيلا محاطة بالأشجار ، عدا ركن واحد احتلته شجرة رفضت ان تنمو اوراقها طوال العام .. وشاء القدر ان تكون هذه الشجرة التى حيرتنى لاربعة اعوام امام شرفتى مباشرة .. فكنت انا الفتاة الوحيدة التى لا تستطيع الظهور بملابس الصيف المعروفة .. لان الشجرة اللعينة كانت تكشف كل شىء .. ولكنها رغم ذلك كانت تترك لى مجال التجسس على السكارى الظرفاء وهم يغادرون لاباس المقابل للدار فى الثالثة صباحاً .. كنت اموت ضحكاً عندما يقذفون بزجاجات الخمر الفارغة على سور الدار .. فينتفض حسين وهو يسب ويلعن بالنوبى .. انت يا بجرة ! الله يريحنا منكو يا ولاد المؤذية ..
فاطمة الحربة ... فتاة الغرفة الفردية فى الدور .. تعيش وحدها ، وتتحدث الى نفسها ،تنام والنور مضاء ، لا تؤمن بالصداقة ، ولا تحتمل صوتاً اخرأمامها ، تدخل دورة المياة وتترك الباب مفتوحاً لانها لا تأمن لأحد ، تخاف على كنوزها التى تتكون من كتب ومراجع علمية قيمة ، تحتقر الرجل بكل تفاصيله .. وتكره الضوضاء الصادرة من حركتها داخل غرفتها الضيقة ، ولذلك تؤنب نفسها طوال الوقت
تقول ريم انها تعرضت لصدمة عاطفية شديدة .. جعلتها تفقد الامان والتواصل مع من حولها .. ولا تجد طمأنينة الا مع نفسها ، لا يزورها سوى رجل كهل وجهه هادىء ومريح ، يتحدث معها ويحتضنها .. لم ارها تبتسم ولو لمرة واحدة
اول مرة ادخل غرفتها بعد معرفتى بها بسبعة اشهر .. دعتنى لأشرح لها كيفية التعامل مع فتيات الدور .. قالت انها لم تعد ترغب فى العزلة وانها تريد ان تشارك فى الصياح والضوضاء اليومية دون ان ينتقدها احد .. تعجبت لطلبها فضحكت وأرتنى صور لاطفال قالت انهم يتامى تزورهم يومياً وتعطيهم الحلوى ولكنها لا تستطيع اللعب معهم لانها لا تعلم كيف يكون اللعب .. تحدثت معها طوال الليل فوجدتها لطيفة ومرحة للغاية ، وجدها البعض منافقة حقودة .. فقلت لا يهم
اصبحنا اصدقاء مع بعض التحفظات .. مثل لا تلمسى اشيائى ولا تدخلى غرفتى دون اذنى ولا تتحدثى بصوت مرتفع ، ليس شأنك ان كرهت الرجال .. لا ولا ولا ........... كانت تستحق العناء
دعوتها مرة لمراقبة السكارى وصراخ حسين اليومى .. فوقعت من الضحك
فاطمة الحربة .. تكره الرجال .. وتجهل اللعب ، وحيدة تعشق اليتامى

12 comments:

Ahmed Rashwan said...

الغوص في المكنون واختراق حوائط الصد النفسية
دوماً يمارسه الفنان بوعي وبدونه ، محاولة معرفة الآخر بشكل حقيقي دون الارتكان على الصورة الظاهرية التي يرغب أن يصدرها للآخرين
هكذا وجدت فاطمة ترسم صورة خارجية قاسية لنفسها ولكن بداخلها رقة وإنسانية ..
كملي يا يارا

HIMZELF! said...

أكيد كان صعب جدا علي اي من هؤلاء الاوغاد المارين الي فحمه في نهاية الطريق انه يتخيل ان الشجره دي بالذات مخبيه الكلام ده كله وراها
!!!

بعد الطوفان والجو شبورة said...

المرة دى .. الله

Anonymous said...

يا بنتى
انتى من اى كوكب بالظبط
الله يعمر بيت ام الجمال اللى بتقوليه ده
يارا
اسمحيلى
انتى فظيييييييييييييييييييييعة
بجد ماعنديش لفظ آخر للتعبير
و الله العظيم

Pianist said...

جميل فعلا

إبراهيم السيد said...

amazed

really wonderful, the way u draw those small details, and touching language

عوليس said...

جميله

عوليس said...

تسمحى بلينك عندى؟

Unknown said...

فاطمة
صورة لبنات كتير
شخصيات مبهمة
سبر اغوارها بمثابة مغامرة
والكتابة عنها
والتواصل معها
صنع لوحة رائعة لشئ نادر

Anonymous said...

اسلوبك بجد جميل

moe said...

اكتشفت مدونتك بالصدفة فألتهمتها في ساعتين,مشروع عمل فني هائل اذا تم العمل علية بصبر

اهنئك

shimaa said...

enty bgd 7'lteny a7s eny wa7da mn eldar..enty lw mktbtesh ka professional yb2a bthdry mohbtk f3ln..ma hoa 7aga mn el2tneen ya doctor 2mrad nfsya w 3sbya.. ya ama novelist & writer