Jun 24, 2006

...8

القاهرة 2003 / 2006
كنت أعلم ان هناك شىء يزعجه .. منذ زيارته الأخيرة لم تأتنى منه كلمة واحدة ، ظل فى منزله بالهرم واعتزل الجميع .. سألت عنه أمى وأخوتى فلم يأتنى أحد منهم بما كنت أنتظره .. وأتوقع حدوثه ، أبى داخله يحتضر
بحثت عن حجة مناسبة أرويها لفيروز حتى لا تطلب منى اصطحابها لشارع عباس العقاد لتناول الاَيس كريم .. ولكن عبثاَ كنت أحاول ، فيروز تملك قرون استشعار ضد الكذب ولا تقبل المراوغة .. والأكثر صعوبة هو اصرارها على الغناء بينما أحاول انا ان استدعى الدموع كمخلوق طبيعى يشعر بالخوف الشديد مما هو اَت
بلاش شو بخاف يا فيروز الله يخليكى .. يعنى اغنيلك ليه بيدارى كده والا اعمل ايه فى صوتى .. روحى ولعى فيه يافيروز .. لا هاغنيلك يارا اللى ضفايرها شقر .. ايوااااا ولعى فى يارا احسن
ضحك .. ضحك حتى البكاء ، أنا من كنت أرفض الخروج لم أشأ العودة الى الدار هذه الليلة ، ورغم محاولات فيروز الا انى لم أرغب فى الاتصال بمن أحب حتى لا أنقل له خوفى وقلقى ولو لدقيقة واحدة ، من خارج الدار سمعنا ولأول مرة صوت أحمد منيب ينبعث من غرفة حسين .. بالطبع ربك رب قلوب .. فليرفق ربى بقلبى قليلاً



الحلم رفاهية ، لا يحق لك الحلم ان لم تتأكدى من تحقيقه ، اما الحلم لمجرد الحلم فهو هراء وعبث ... العمل اكسبنى واقعية لم أحظ بها من قبل .. وكادت نفسى المتقلبة ان تفقدنى الكثير ، تخليت عن نصف احلامى وراهنت نفسى على النصف الاخر .. كنت أشعر انى أركض وراء كل من أحب ... ركضت حتى نزفت عروقى ، وكالعادة لم يفارقنى الأمل ولو للحظة واحدة

يارا .... أخوكى جه ، هاتيجى امتى بالسلامة ؟ ، تانى يوم رمضان علطول يا حسين
توقفت ساعتى فى الطريق .. ظل أخى يضحك معى حتى نام على كتفى كالطفل الصغير
عندما رأيته وكأنى قد بلغت الجنة ، احتضنته بكل قوتى وتحدثت معه لساعات حتى جاء موعد صلاة الفجر
لن أنسى أبداَ صوت ابى وهو يبدأ القراَن اول ليلة فى رمضان ، يتحول الصوت الحاد الى صوت جميل خاشع .. رائحة
ملابسه النظيفة ، اصراره على قناة الجزيرة وخاصة عندما يعلم انى انتظر فيلماً من أسبوع .. يصرخ علينا فى السابعة ، تمارين سخيفة وركض على البحر لأكثر من ساعتين.. يومين كل ثلاثة أشهر تتحول حياتنا الى جحيم .. أبى كان يستحق المحاولة


اشتغلى الأول وبعدين ابقى ادرسى اللى انتى عاوزاه .. يعنى هاتبقى ايه فى الاخر منى زكى؟
تملكتنى فى الفترة الأخيرة فكرة السفر ، ولما لا ؟ لم يتبق لى الكثير ، وكم رغبت فى رؤية العالم من حولى ، خوفى الوحيد ان أكتشف انى لا استطيع تركها .. هنا ستشتعل حرب أخرى لا قبل لى بها


بعد موته لم يفارقنى ولو للحظة واحدة .. كنت أحلم بحبيبي ودوماً أرى أبى حتى ولو ملوحاً أمام الشاشة لثوان ، عدت لأجد غرفتى مليئة بالفتيات.. فيروز كانت تعرفنى تمام المعرفة ، لن أحزن الان وسأتقبل التعازى وانا مرتدية اللون الأحمر الفاقع ..
الأوضة ناقصها كم راجل وتبقى كباريه النجوم يا فيروز .. بعتت حسين يجيبهم من لاباس ماتقلقيش
لم أذرف دمعة واحدة على أبى ولكنى كنت أشعر انى عارية طوال الوقت


فى الفترة الماضية مررت بتجربة شديدة الخصوصية ، نسمة ربيع صافية دخلت حياتى دون سابق انذار .. وانسحبت دون علمى ، فأحسست انى كنت أحلم .. أو ربما لم يقبل عقلى بفكرة وجوده ، هذه المرة تقبلت الخسارة ، وانسحبت بدورى غير أسفة ... ولكنى لازلت أتذكره من وقت لاَخر


قضيت العيد الأول لى بعد موت أبى مع فيروز فى الأسكندرية .. مع موافقة غير متوقعة من أمى وعلى الفور .. أذكر انه كان أفضل عيد قضيته .. وأصعبه على الأطلاق، فيروز كانت خبيرة فى اضحاكى ، واخراجى من طقس الترقب وانتظار الحزن الحقيقى الذى يزحف الى قلبى تدريجيا

كلما نظرت الى ساعتى تذكرت يوم قابلت ابى للمرة الأخيرة ،توقفت عند الساعة الرابعة ولم تتحرك .. كم أرغب فى اصلاحها ، رغم انى لا أرتدى ساعة فى معظم الاوقات
بعد محاولات باءت بالفشل لاسكات فيروز واقناعها بانها فقط تملك اسمها وليس صوتها ... قررت الاستسلام
واحنا قلوب مشتااااقة .. والدنيا سراااااقة

20 comments:

Nour said...

..الدنيا سراقة
..صحيح

Unknown said...

:'(
...مسيرك تفارق

nuriennium said...

انا طلعت من التجربة دي من اقل من شهر. انا مش حزين و بقول لنفسي، صبراً جميلا و عسى الأرواح تلتقي حيث احبت دائما أن تكون
خطواتنا تختلف لكننا جميعاً على نفس الدرب يا يارا

غادة الكاميليا said...

روعه يا يارا المرة دي أنا عارفه إنتي جايبه الكلام منين
...................
الدنيا سراقه

moe said...

ur Really a star :)

littilemo said...

احتمال كبير فعلا

Khalid said...

3azaeezati yara.
you are a star, indeed.
khalid*

Anonymous said...

شجن كالعادة يا يارا.. جميلة بجد

قبل الطوفان said...

من رحم الأحزان تولد جوهرة الصدق

وأنت.. صادقة

تملكين ذلك النبل الموجع الذي يحفر مكانا له في الذاكرة.. وتجيدين المزج بين الكتابة والقطع السينمائي.. كأنه فيلم قصير تخرج منه كأنك تركت وراءك على المقعد بعضاً من روحك

معك.. من الآن

yara said...

Nuriennium
تعليقاتك بتعجبنى اوى ،شرفتنى
غادة طب لو شاطرة جايباه منيييييين
لون ولف ، خالد
انا كنت فاكرة كده برضة.. بس الف شكر على كل حال
ياسر مش عارفة اقولك ايه بجد بس هاتفرحنى اوى لو زرتنى دايما
فيولينا
مبروك ع البلوج حاسة انه هايبقى مختلف اوى مستنية جديدك وميرسى على كلامك المرعب جداا

Khalid said...

yalla yara post more! i check your blog everyday hoping to find a new post!

غادة الكاميليا said...

إيه يا بنوته
طولتي الغيبه

Pianist said...

نا جيت متأخر تقريبا
بس انا لما بقرالك بابقي مصر اني اعلقلك علي اسلوبك
تحسي ان الكلام بيتحرك مش ثابت

وتشريحك للتجربة كان فعلا صادق ومؤلم حبتين ..يمكن مؤلم عشان صادق
في الحتة بتاعة "المكان محتاج كام راجل ويبقي كباريه"
حسيت بروح ابراهيم عبد المجيد هو اللي بيعرف يقول كلام عامي في وسط الفصحي بالانسيابية دي

تحياتي ليكي و أرفع القبعة لكتابتك
:)

Guevara said...

مش عارف بالظبت يعني إيه شجن شخص ما ممكن يكون مصدر إمتاع بالنسبة لي .. على العموم ده حصل و انا بقرا

مش عارف أقولك إيه

Omar Mostafa said...

فيهن بيتمرجح عمُر، ولسة ياما هنتمرجح يا يارا.. يا عيني عليكي

yara said...

PHAROIN
ياريت يكون كلامك صح وتبقى دى سنة الحياة
نوبى نورت يا سيادة الريس وموضوعك حلو ومختلف
PIANIST
بص انا بافرح اوى بتعليقاتك وعاوزاك تبقى هنا علطول ،اشكرك على كلامك الراقى جدا مش غريب عليك .. نورتنى بجد
GUEVARA
ماتقولش حاجة .. عشان كل حاجة عاوز تقولها وصلت ، وكفت اشكرك
عمر .. انت بقة اللى مش عارفة اقولك ايه .. خليتنى ابتسم ، اشكرك

msafa said...

اللى نا قريته بس وجعلى قلبى
انتى وجعك عامل زاى ؟

identité sans essence said...

اتذكر
اخر يوم رايت فيه ابي

جميل جدا هذا البوست

Anonymous said...

howa ur friend fayrouz..men portsaid??w kanet fee teb??
please answer mee
thanks

yara said...
This comment has been removed by a blog administrator.